Full Start

Monday, September 25, 2006

رمضان يعيدنا الى الحرم المكي بقدسيته ومهابته. أرجع لكتاباتي في الحرم من العام الماضي...
كتابات في الحرم -6

* الاحتياجات الخاصة

تجتمع وسائل الراحة اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين والعاجزين عن المشي لدى جميع المرافق المدنية والدينية والسياحية في كثير من الدول, وتغيب عن مرافقنا.

هي في دوائر الدولة ومؤسساتها, كما وفي الفنادق والمتاحف والأسواق والكنائس, بل وفي وسائل النقل.

تخلو الكثير من مساجدنا من المماشي الخاصة بالكراسي المتحركة.

لكنها موجودة, على الأقل, عند عتبات المسجد الحرام, وفي السعي, بل وفي الطواف.

لا يوجد مكان مخصوص لطوافهم في الطابق الأول, لكنه موجود في الثاني على مرأى من الصحن.

المسار باتساع كرسي متحرك مع بعض الفسحة,

وتلزم الدورة الكاملة على أطرافه 10 دقائق بمشية معتدلة السرعة.

لكن الكثير من أجزاء المسار لا تسمح للكتف بمحاذاة الكعبة, فيكون الاشكال الشرعي عند فقهاء الشيعة.


في جامعات الغرب, يحصل لأصحاب المستلزمات الصحية الخاصة الكثير من التيسير,

ويحق لأحدهم أن يختبر لوحده –اٍن شاء- مثلا.

فهل في الأحكام الفقهية لمراجعنا العظام في الحج والعمرة أي تيسير لذوي الاعاقة أو المستلزمات الصحية الخاصة؟

هل يجوز لهم أن يطوفوا في الطابق الثاني؟

Saturday, September 23, 2006

رمضــــــــــــان كريـــــــــم

يا راعي الهباتشي!


كان لي ذلك الطعام الياباني (الهباتشي) أفضل مقدمة نفسية لدخول شهر رمضان! قاربت الشمس على الغروب, فقررت وصاحبي أن نمشي الى محطة الباص. لكن لأن الباص لم يكن هناك لحظة وصولنا, قررنا الذهاب الى المطعم مشيا... 3 أميال. وصلت وبطني أرق من رغيف خبز ولساني أيبس من تين مجفف... وصلت وكل حواسي تنتظر الطعام. دخلت المطعم واذا بالزينة تأخذ نظري, والرائحة تستحث أنفاسي, والتكييف يرخي أعصابي... وجلسنا الى طاولة الهباتشي.

كانت الطاولة مرتفعة الى مستوى الصدر, مصنوعة من الرخام جميلة, يحتل معظم وسطها قطعة "فرن" معدنية أنيقة, تحيط بها عشرة كراسِ خشبية لامعة. وقف يطبخ في المنتصف رجل ياباني بقطع معدنية تتطاير في يده كأنه بهلوان يداور الكرات والصحون. حتى نصف البصلة فصل دوائرها وبنى بها ما يشبه مئذنة سامراء. عبأها ببعض أنواع الزيت وقرّب منها الولاعة, فاذا اللهب يكاد يطاول السقف. وبمثل هذه المهارة والاتقان طبخ الرز والخضار والسمك والربيان و....

بينما كنت أكتب هذه الخاطرة في عقلي, والغرق في التفكير بادٍ على وجهي ,وأنا أستلذ كل لقمة من طعامي, سألني صاحبي

- "تبي تقول شي؟"

- – "ايه, "ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا.... "

- – "أن يتقنه!"

- –"بالضبط!"

- - "يعني...؟"

- - "هذي بداية رمضان.. على كل واحد فينا أي يتقن كل أعماله في نفسه ومحيطه ودينه ووظيفته.. وكل شؤونه."

- - "اوووه, وأنا أقول اش فيه رضا قالب دجّة يمدح البنات بهالكلمات الخطيـــــرة!"

- - "والله أنك سعـــــــودي!!!!"

كان المطعم يحاكي الاتقان بزينته اليابانية الضافية, والقطع التراثية البديعة, والموقع المناسب على أحد أهم شوارع المدينة, والعقل التجاري الذي يديره. وكان طباخوه يحاكون الاتقان بحركاتهم في طبخ الـ"هباتشي", في ابراز تراثهم, في طعم أطباقهم, وفي روحهم المرحة.

يا راعي الهباتشي, لو تعلمنا الاتقان في حياتنا.. في وظائفنا, في أعمالنا, في علاقاتنا, في صلاتنا وصومنا وجهاد أنفسنا الأمارة بالسوء!

يا راعي الهباتشي, لو تعلمنا الاتقان في ابراز تراثنا, والاهتمام بتقاليدنا, وصنع طعامنا!

يا راعي الهباتشي, لو تعلمنا كيف نخدم الناس كما تخدمهم ببسمة صافية وأخلاق حميدة!

يا راعي الهباتشي, لو تعلمنا الاتقان في تنظيم أوقاتنا, كما تنظم الرز والخضروات والسمك والربيان والقائمة الطويلة من الأكل على القطعة المعدنية بين يديك!

يا راعي الهباتشي, لو تعلمنا ان الاتقان في العمل, أي عمل, أفضل من الرضا بالبطالة!

يا راعي الهباتشي, لو تعلمنا ان التجارة لا تنحصر في البوفية والبقالة والحلاق!

يا راعي الهباتشي... لو تعملني كيف آكل وما أفكر في غير الذي بين يدي!!

بين أداء واجبات رمضان ومستحباته, بين أداء واجبات الجامعة واختباراتها, بين مستلزمات الأنشطة الطلابية وفعالياتها, بين المركز الاسلامي والمشاركة في أنشطته.. ولو بالحضور, وبين التفكر في حالي والمراجعة الفكرية والنفسية والاجتماعية والسلوكية, وبين اتخاذ القرارات بعد التأمل والتفكر... بين كل هذا... يبرز لي طابخ الهباتشي متفننا متقنا رغم كثرة ما بين يديه وقلة الوقت لديه عند طاولتنا. هكذا رمضان! يبدأ طويلا, ثم ينتهي كلمح البصر! وبعد الأكل اللذيذ المشبع, أتذكر كيف دخلت جائعا, كيف صمت جائعا, وكيف يظل الملايين في العالم –بل وفي وطننا- جوعى!

بعد الخدمة الرائعة في المطعم الأروع, أجد أن أهم الأعمال قضاء حوائج الناس. في خطبته في الجمعة الأخيرة من شهر شعبان, قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

"واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه، وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم"

رمضان كريم... مجددا!