Full Start

Saturday, February 11, 2006

تجري الأيام

بعد طول غياب, يتغير علينا الأحباب. الذين تركناهم صغارا نناغيهم... نرجع فنجدهم أطفال أشقياء نشكوهم. والشباب الذين ألفناهم مرحين متهورين, نعود فنجدهم خاطبين مسؤولين. نتغير نحن ويتغير من حولنا ,ومن يبعد عنا, مع تغير ظروفنا وتمدد المكان بيننا. كما وأنّا جميعا نتطور في فكرنا كلما عجنتنا التجارب, فاذا جمعتنا المجالس الحوارية –وماذا نفعل اذا اجتمعنا غير الثرثرة!- تفاجأنا بما يطرحه من ظننا أننا حفظنا آراءه عن غيب.

أحد الرؤساء الأمريكيين قال –ما معناه- أنّ أذكى من يعرفه من الناس, على اختلاف مهنهم وأعمارهم, هو خياطه. فانه كلما دخل عليه جاء الخياط يقيس أطرافه وأطواله مفترضا أن هناك تغييرا. أما باقي من يعرف من الأصدقاء والسياسيين والكتّاب فانهم يقيسون شخصيته مرة, ولا يفترضون من بعدها أنه تغير مهما طال الزمان.

التغيير من سنن الحياة التي أوضحها القرآن, و تغيير الشخصية وتنميتها من أكثر ما اهتم له الاسلام. من يرجع لموروثنا الثقافي الديني يجد وصايا من قبيل: "من كان يومه مثل أمسه فهو مغبون, ومن لم يكن الى زيادة فهو الى نقصان, ومن كان الى نقصان فالموت أولى له". لكن للأسف يبقى بالفعل كثير منا في مثل هذه الحالة من جمود الفكر وانكفاء القدرات, فيتخلفون بكل سنة من عدم التطور ضعفها- بالقياس الى تحرك العالم. من لا يتغير في نفسه, لا يلتفت الى تغير العالم من حوله.

هذه السنن تنطبق على السياسة الخارجية للدول الفاعلة في مناطق العالم, على الشركات الكبرى وسياساتها التسويقية ومخصصاتها للبحوث العلمية, على نشاطات الجامعات والمساجد ونتاجاتها الفكرية, وعلى كل شخص بصفته الأكاديمية أو الوظيفية أو حتى العائلية.

كتب المبدع محمد صادق دياب في صحيفة الشرق الأوسط: "حينما كنا صغارا قررنا أن نتسابق وركضنا, ومن يومها ونحن نركض.. والآن اذا نظر الواحد منا أمامه وجد أن كثيرين قد سبقوه, واذا نظر خلفه وجد أنه قد سبق كثيرين أيضا.. وكأن ما بين الفوز والهزيمة مجرد التفاتة."

مجرد التفاتة... هل نلتفت الى أمتنا فنقرر السباق في ركب العلم والعمل لنغير ما بأنفسنا فيغير الله ما بنا؟

0 Comments:

Post a Comment

<< Home